16 فبراير 2020

نصف عمر!



لم أفكر يومًا في الصيغة "الرسمية" لعلاقتنا؛ نصف عمري أو أكثر ونحن معًا، أو للدقة، أنا معك وهذا يكفيني جدًا.
لم أشغل بالي بكل النظرات النهمة لمعرفة ما بيننا، ولا تلك الألسنة المسنونة التي تلوك سيرتنا سرًا، ثم تبصقها في سؤالٍ مبتذل: "هو إنتِ المدام؟!"
لم أخبرك كم مرة سمعت هذا السؤال، ولا كم الغضب الذي جاهدت لأكتمه عنك؛ لحظتها فقط كنت أدرك أننا اثنان لا رابط بينهما أمام الجميع ممن لا يعترفون إلا بالأوراق المُحبَّرة، ربما ليكذبوها فيما بعد! وقتها أشعر بضعفي ولا أجرؤ حتى على مواجهتك بأن ما بيننا مرهون بورقةٍ صغيرة، قد لا تعني لك الكثير، ولكنها أصبحت الباقي ليّ منك في نظرهم.
لم أشعر يومًا أنني لست زوجتك؛ ألست أنا "حافظة الأسرار، وعصا موسى التي تتوكأ عليها، ويدك اليمنى واليسرى، والأمل والمستقبل"؟!
أتراك ما زلت تذكر هذا الوصف؟
لست من المهوسات بسماع عبارات الغرام من رجلٍ أحبه، تكفيني مرةً واحدة أسمعها منه إرضاءً للغريزة الأنثوية، ثم ما يعنيني بعدها تطبيقه الفعلي لتلك العبارات.
تصرخ بي صديقتي: كيف تحبينه لهذه الدرجة وهو لم يقل لك أبدًا كلمة حب واحدة؟
أصم أذناي عن سماعها، وأستعيد صوتك يصفني بالعبارة السابقة، أعوام مضت منذ قلتها للمرة الأولى، ولم تكررها ثانيةً، ولكنك في كل لحظة كنت تثبتها بأفعالك.
حتى حين اخترت غيري لتفوز باللقب "الرسمي"، لم أُجَّن ولم أصرخ، استقبلت الخبر بهدوءٍ استغربته أنا نفسي!
كنت أعلم أنها "الثانية" مهما أصرت أوراقهم على أولويتها؛ أنا أول من منحتك قلبها وحياتها خالصين لك دون شريك، أنا أول من رتبت سريرك ووضعت لمستها على كل قطعة أثاث في منزلك، أنا أول من فاجئتها بصوتِك المبتسم، رغم الإنهاك والتعب، بامتنانك لصنيعها وتحويلها منزلك الفوضوي لمكانٍ يصلُح لسكنى البشر...
أتذكر نبرتك المُجهَدة حين عُدت للمنزل بعد غياب أيام في المستشفى ووجدته مرتبًا وهادئًا، لم تنتظر أن تلقاني لتشكرني، رفعت سماعة الهاتف ومازحتني قائلاً: عملتي إيه في الشقة؟! عارفه.. فكرتيني بعبد الوهاب كان بيقول أنا بأحب أبعتر الحاجة علشان أحس بالفرحة لما أرجع وألاقي مراتي رتبتها.
ضحكنا معًا وتمنيت في سري أن أُكمل عمري معك، أجمع شتاتك فلا تكتمل إلا بيِّ.
أعلم أنك عائد إليّ لا محالة، فأنت لم تكن يومًا من هواة التقليد، دائمًا تسعى نحو الأصل، وأنا أصلك .. فمتى تعود؟؟


ليست هناك تعليقات: