12 يناير 2010

وليد خطاب: أن تكون أنت (1)

(مكتوب على الحافة ...

أن الظلمة أصل ساكن

أن العدل طريد أبدي

أن الأمن جبان يهوي من أول بادرة للبطش

أن الخوف سرابٌ ممتد يتحدى بوجوده أي سكينة محتواه في قلب).

لو لم يكتب "وليد خطاب" سوى تلك الفقرة لكانت كافية للقول بأنه موهبة حقيقية وقلم يقطر صدقًا.

قبل أن اتكلم عن المجموعة دعوني أخبركم كيف تعرفت على كتابات "وليد". عندما أهداني "المغمور الأكبر" الحضري الكتاب المدهش "عندما يتمرد الصدى" قرأت قصتي وليد "بالطو زيتي" و"المكونات أوراق نقدية"، أعجبتني الأولى، مع اعترافي بأني لم أفهمها بنفس القدر الذي أفهمها به الآن، إلا أنني وجدت أسلوب كتابة مختلف/ممتع كان كافيًا ليجعلني أقتني "مكتوب على الحافة" عندما قرأت اسم وليد خطاب عليها.

كانت قراءتي الأولى للمجموعة بغير تركيز ولم يتبق منها بداخلي سوى "مكتوب على الحافة... أن الخوف سراب ممتد يتحدى بوجوده أي سكينة محتواه في قلب"، تلك الجملة التي بهرتني فلم ألمح أي شئ آخر سواها، صحيح أعجبتني بعض القصص كـ"نعم كل الوقت" ولكن بقت تلك الجملة مستحوزة على كياني كله.

وعندما علمت بعزم "المغامير" على مناقشة المجموعة قرأتها من جديد بعينٍ وعقلٍ وإدراكٍ لم أكن املكهم في القراءة الأولى، وهنا أدركت كم كنت ساذجة كيف لم انتبه لهذا التقسيم الرائع لقصص المجموعة تحت عنوانين رئيسيين؟ إن إدراكي لهذا التقسيم أعطى للمجموعة مذاقٍ أخر، أصبحت عندي رواية من جزئين. الأول الشباك المُطِّل على الذكريات القديمة والجذور الريفية والدفء، والجزء الثاني حيث برد الغربة في المدينة. عبر هذه البوابة/التقسيم دخلت إلى عالم "وليد خطاب" القصصي.

بدايةً لست ناقد أدبي خبير بأساليب القص وجماليات السرد والأشكال الفنية وغيرها من الأمور المتخصصة، وإنما مجرد قارئ يزعم أنه يتذوق الأدب، لذا فما يلي هو شعوري تجاه تلك المجموعة وما خلفته بداخلي.

أول ما لفت انتباهي في هذه المجموعة الأسلوب السينمائي الموجود بكثير من، إن لم يكن كل، قصص المجموعة. فأكاد أجزم أني شاهدت فرج وهو ينتبه من غفوته ويبحث عن بندقيته/مصدر سطوته وهو ما بين الصحو والنوم، كذلك رأيت الصخرة المتروكة في "أصفر بارد" وأحسستها تحدثني بشعورها في غياب صاحبها.

كذلك أعجبني بشدة تعدد الأصوات في القصة الواحدة، والاستخدام البارع لعناوين المقاطع، أحسست أن الكاتب يُشركني معه في القص، لا يقدم ليّ نصًا جاهزًا مرتبًا بل يُجبرني على إعمال عقلي وضرورة الربط بين المقاطع وفهم مغزى تلك الأرقام، وأُعيد صياغة النص في ذهني ليصلني المعنى. كل هذا أفعله وأنا مستمتعة غير شاعرة بالإرهاق ولا أن الكاتب "يستعرض/ يفرد عضلاته"، بالعكس هو يفعل ذلك بكل سلاسة.

قبل أن انتقل لقصص المجموعة يجب أن أنحني احترامًا "لوليد" فعلى الرغم من أن القصص تدور أحداثها في مكانٍ واحد "الريف" أو "المدينة" إلا أنه لم يُكرر تعبير أو وصف ذكره على مدار المجموعة، وجعلني أشعر أن تلك الأحداث مكانها الكون بأسره.

بقي أيضًا أن أُشيد بأسلوب "وليد" ودقته في رسم شخصياته وإكسابها الصوت والكلمات المناسبة لها، بحيث لا تجد كلمة في غير موضعها ولا تستنكر صدورها من هذه الشخصية.

هناك تعليق واحد:

مروة يقول...

كان مساء السبت الماضي موعد مناقشة مجموعة "مكتوب على الحافة"، كتبت انطباعاتي حول المجموعة ولكنها كانت طويلة قوي، لذا قسمتها على 3 أجزاء. وبصراحة لقيتها فرصة أكتب عن أحد "المغامير" الذين تمنيت أن أكتب عنهم،يارب أقدر أكمل وأبطل إنشغال عن الحاجات الحلوة اللي نفسي أعملها:)